يبدو أن خط الأنابيب الجديد البالغ تكلفته 27 مليار دولار، والذي ينقل النفط من أعماق سيبيريا بروسيا إلى آسيا قد ينافس منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في توريد النفط، الى المنطقة الاقتصادية الأسرع نمواً في العالم.
ونفات صحيفة "الاتحاد" الإماراتية عن أندرو ريد، المحلل في مؤسسة اينرجي سيكيوريتي آنا ليسيس قوله:" يكمن أحد التغيرات الاستراتيجية طويلة الأجل في أن خط الأنابيب سيشكل تهديداً مباشراً على منطقة "أوبك" في الأسواق الاستهلاكية الثلاث الكبرى في آسيا ـ الصين واليابان وكوريا".
وأشار إلى أنه حتى الآن تفتقر دول الشرق الأقصى إلى مصادر نفط كافية ولذلك فإن خط الأنابيب الواصل بين شرقي سيبيريا والمحيط الباسيفيكي المعروف باسم خط أنابيب "إسبو" الذي بدأ بناؤه عام 2006 بعد أكثر من عقد من التخطيط والمفاوضات يحدث بالفعل تغيراً جذرياً في الطريقة التي تجري بها شركات تكرير النفط أعمالها في منطقة الشرق الأقصى على نحو يكفل لها مزيداً من الخيارات وبالتالي يتيح لها القدرة على التفاوض مع منظمة "أوبك" من منطلق القوة.
وفي فترة قوة "أوبك" وازدهارها تسببت سيطرتها المحكمة على المعروض من النفط في قلق الاقتصادات المتقدمة، غير أنه من المنتظر أن تفقد المنظمة حصة سوقية لمصلحة منتجين مثل روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق. وقد تجسد موقف "أوبك" الضعيف نسبياً العام السابق حين طلبت المنظمة من المنتجين المستقلين تقليص إنتاجهم للمساعدة في رفع أسعار النفط العالمية المتناقصة.
وقال ريد:" إن نفط خط أنابيب "إسبو" ينتظر أن يحل محل أنواع نفط الشرق الأوسط ليس فقط بسبب تكاليف نقله الأقل كثيراً، ولكن أيضاً بسبب جودته. إذ تعتبر معظم المصافي الآسيوية أكثر ملاءمة لمعالجة نفط خط إسبو الأخف والأقل احتواءً على الكبريت من النفط الوارد من الشرق الأوسط الأثقل والمكبرت".
وأضاف: أن نفط "إسبو" هو البديل النموذجي لواردات الصين المتناقصة من النفط، مشيراً إلى أن نفط "إسبو" يتألف من خليط من أنواع صادرة من كل من حقول فيرخبيتشونسك وتالاكان وفانكور الواقعة جميعاً في شرقي سيبيريا.
وحين تنتهي أعمال البناء سيبلغ طول خط الأنابيب 4857 كيلومتراً ليصل من تايشت القريبة من بحيرة بايكال الى ميناء كوزمينو الواقع على المحيط الهادي في أقصى شرقي روسيا.
وحتى الآن لم يفتح سوى أول جزء من خط الأنابيب البالغ طوله 2757 كيلومتراً من تايشت الى سكوفورو دينو ثم يكمل النفط رحلته الى الساحل عن طريق السكة الحديدية، ومن المخطط إنجاز الجزء المتبقي البالغ طوله 2100 كيلومتر عام 2012.
وكان إنتاج النفط الروسي قد تدهور ما بعد عصر الاتحاد السوفييتي، غير أن التدفقات عبر خط إسبو تساعد فعلاً على تنشيط إنتاج نفط روسيا الذي بلغ في يونيو/حزيران الماضي رقماً قياسياً يفوق 10 ملايين برميل /يومياً.
ومن المخطط أن تتزايد سعة تدفق المرحلة الأولى الى أن تبلغ 600 ألف برميل في اليوم، ولكن سيكون بالإمكان تدفق مليون برميل في اليوم بحلول عام 2013 وهي كمية تساوي صادرات السعودية الحالية الى الصين. ويتوقع أن يزيد هذا الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل في اليوم لاحقاً.
وهناك فرع من خط إسبو بطول 1000 كيلومتر ممتد من سكوفورو دينو إلى ديكينج في الصين سيحول نصف الكمية البالغة 600 ألف برميل في اليوم لإمداد الصين بكمية 300 ألف برميل/يومياً ومن المنتظر إنجاز هذا الفرع في نهاية ربع العام الثالث من هذا العام.
ويعتبر هذا الفرع بمثابة تغير شديد الأهمية للصين حيث سيكفل لها حصة كبيرة من نفط سيبيريا تسلم لها بسهولة وبشكل مباشر.